اللغة العربية  :: لغة القرآن الكريم

موقع الدكتور / مسعد محمد زياد        رحمة الله
اتصل بنا الكتب السيرة الذاتية الرئيسية

ثانيا ـ الجملة التي لا محل لها من الإعراب

 

      هي الجملة التي لا تحل محل المفرد ، ولا تأخذ إعرابه ، ولا يقال فيها إنها في موضع رفع ، أو نصب ، أو جر ، أو جزم . وأنواعها على النحو التالي : ـ

 

أولا ـ الجملة الابتدائية :

        ويقصد بها الجملة التي نبتدئ بها الكلام لفظا ، أو تقديرا ، وسواء أكانت اسمية ، أم فعلية .

فالاسمية نحو : محمد مجتهد .

221 ـ ومنه قوله تعالى : { إنَّا أعطيناك الكوثر }1 .

والفعلية نحو : يطوف المسلمون حول الكعبة .

222 ـ ومنه قوله تعالى : { تبت يدا أبي لهب وتب }2 .

     فكل من الجملتين السابقتين ، وكذلك الآيتان المستشهد بهما ، لا محل لها من الإعراب ، لأنها جملة ابتدائية تؤدي معنى مستقلا ، ولا يصح أن يحل محلها كلمة مفردة ، وإلا ضاع المعنى .

ومثال الجملة الابتدائية التي يبتدأ بها الكلام تقديرا قول الأفوه الأودي :

       بينما الناس على عليائها     إذ هَوَوا في هُوّة فيها فغاروا

فلكون " بين " ظرف للفعل " هوى " ، والتقدير : هوى الناس في هوة بينما هم على عليائها . فهي جملة ابتدائية ، وإن كان قبلها جملة " الناس على عليائها " ، لأنها أُخرت لفظا ، وحقها التقديم في أول الكلام تقديرا .

ومنه قوله تعالى : { كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد رزقا }3 .  

فلأن " كل " ظرف للفعل " وجد " ، والتقدير : وجد زكريا عندها رزقا كلما دخل

ــــــــــ

1 ـ 1 الكوثر .  2 ـ 1 المسد .

3 ـ 37 آل عمران .

 

عليها المحراب . فجملة " وجد " ابتدائية ، وإن كان قبلها في الطاهر جملة أخرى .

 

ثانيا ـ الجملة الواقعة بعد أدوات الابتداء ، وتشمل التالي :

1 ـ  الحروف المكفوفة وهي :  إنما ، وأنما ، وليتما ، وكأنما ، ولعلما ، لكنما ، وربّما ، وكما .

نحو قوله تعلى : { إنما المؤمنون إخوة } 1 .

وقوله تعالى : { إنما أنت نذير } 2 .

وقوله تعالى : { وإنما أنا نذير مبين } 3 . 

ومنه قول كثير :

      أراني ولا كفران لله إنما      أواخي من الأقوام كل بخيل        

ونحو قوله تعالى : { يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد } 4 . 

ونحو قول النابغة الذبياني :

       قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا      إلى حمامتنا أو نصفه فقد

ومنه قوله تعالى : { فكأنما خر من السماء } 5 . 

ومنه قول الشاعر :

       كأنما ضربت قدام أعينها     قطنا بمستحصد الأوتار محلوج

ومنه قول الفردزق :

       أعد نظرا يا عبد قيس لعلما       أضاءت لك النار الحمار المقيدا

ومنه قول امريء القيس :

      ولكنما أسعى لمجد مؤثل      وقد يدرك المجد المؤثل امثالي

وقول ساعدة بن جؤية :

      ولكنما أهلي بواد أنيسه      سباع تبغى الناس مثنى وموحدا

ـــــــــــــ

1 ـ 10 الحجرات . 2 ـ 12 هود .

3 ـ 50 العنكبوت . 4 ـ 5 فصلت .

 5 ـ 31 الحج .

 

" ربما " نحو : ربما الغائب يعود .

ومنه قوله تعالى : { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين } 1 . 

" كما " اتصلت ما الزائدة بـ " الكاف " فمنعتها من العمل ، والجملة بعدها ابتدائية لا محل لها من الإعراب . نحو : الشهادة خير الكلام كما الصلاة عمود الدين .

2 ـ  " إذا " الفجائية : نحو : خرجت فإذا السماء تمطر .

ومنه قوله تعالى : { فإذا هي حية تسعى } 2 . 

وقوله تعالى : { ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين } 3 .

3 ـ أمّأ ، وبل ، ولكن ، وهل ، وما النافية غير الحجازية " التي لا عمل لها " ، وبينا ، وبينما ، وإلاّ الاستثنائية .

وإليك أمثلتها على التوالي :

" أمّأ " قال تعالى : { فأمّا الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم }4 .

ومنه قول سبيع بن الخطيم :

         أمّا إذا ضاقت فإن مصيرها       هضب القليب فعردت فأقوف

و" أمّا " هنا حرف شرط غير جازم وتفصيل وتوكيد ، وتلزم الفاء جوابها كثيرا .

" بل " نحو قوله تعالى : { بل تؤثرون الحياة الدنيا } 5 . 

وقوله تعالى : { أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق }6 . 

و" بل " حرف ابتداء يفيد الإضراب .

" لكن " المخففة من الثقيلة لا عمل لها ، وهي حرف استدراك إذا سبقها نفي وتدخل على الجمل الفعلية والاسمية ، مثال الفعلية :

قوله تعالى : { ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } 7 . 

ــــــــــــــ

1 ـ 2 الحجر . 2 ـ 20 طه .

3 ـ 108 الأعراف . 4 ـ 26 البقرة .

5 ـ 14 الأعلى . 6 ـ 70 المنافقون .

7 ـ 118 النحل .

 

ومنه قول العجير السلوسي :

       ولكن ستبكي خطوب كثيرة      وشعت أهينوا في المجالس جوع

ومثال دخولها على الجمل الاسمية وهي عنئذ ابتدائية لمجرد إفادة الاستدراك .

قوله تعالى : { لكن الراسخون في العلم منهم } 1 .

ومنه قول زهير :

       إن ابن ورقاء لا تخشى بوادره      لكن وقائعه في الحرب تنتظر

" هل " وهي حرف استفهام مبني على السكون لا محل له من الإعراب ولا يعمل فيما بعده ، ويختص بالتصديق والإيجاب ، ويفيد معرفة مضمون الجملة ن ويدخل على الأفعال ، والأسماء .

نحو قوله تعالى : { هل أتى على الإنسان حين من الدهر } 2 . 

ومنه قول عنترة :

       هل غادر الشعراء من متردم       أم هل عرفت الدار بعد توهم

ومثال دخولها على الأسماء قول الحارث بن حلزة :

       أيها الناطق المُرَقِّش عنا      عند عمرو وهل لذاك فداء

وقوله :

      كتكاليف قومنا إذ غزا المنذ      ر هل نحن لابن هند رِعاء

ومنه قول امرئ القيس :

       وإن شفائي عبرة مهراقة       فهل عند رسم دارس من مُعَوَّل

" ما " النافية غير العاملة ، وتختص بالدخول على الأفعال ، وتعرف بالتميمية ، أو غير الحجازية ( لأن ما الحجازية تعمل عمل ليس ) .

نحو قوله تعالى : { قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي }3 .  

ـــــــــــ

1 ـ 162 النساء . 2 ـ 1 الإنسان .

3 ـ 15 يونس .

 

ومنه قول عمر بن أبي ربيعة :

        وما راعني إلا مناد ترحلوا        وقد لاح مفتوق من الصبح أشقرا

مثال " بينا " قال الأفوه الأودي :

      فبينا نحن نرقبه أتانا      معلق فضة وزنا ذراعي

مثال " بينما " قوله أيضا :

      بينما الناس على عليائها       إذ هو وافي هوة فيها فغاروا

 

ثالثا ـ الجملة الواقعة بعد أدوات التحضيض :

وهي : هلاّ ، ولوما ، ولولا غير الشرطية إذا تلاهما فعل مضارع .

نحو : هلاّ تساعدنَّ المحتاج .

وهي تفيد التوبيخ إلى جانب التحضيض أذا دخلت على الفعل الماضي كقول عنترة :

       هلاّ سألتِ الخيل يا بنة مالك     أن كنت جاهلة بما لا تعلمِ

ونحو قوله تعالى : { لوما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين } 1 .

ونحو قوله تعالى : { لولا تستغفرون الله } 2 .

 

رابعا ـ الجملة المستأنفة :

       هي الجملة المنقطعة عما قبلها صناعيا (3) ، وتأتي في وسط الكلام ، أو الجملة التي نفتتح بها كلاما جديدا .

نحو : مات فلان رحمه الله .

ـــــــــــــ

1 ـ 7 ، 8 الحجر . 2 ـ 46 النحل .

3 ـ إعراب الجمل ، د / فخر الدين قباوة ص 36 .

المقصود بالاتباع الصناعي عدم التعلق باتّباع ، أو إخبار ، أو وصفية ، ولا يضر الارتباط

المعنوي ، لأن الارتباط المعنوي لا يستلزم محلا إعرابيا .

 

فجملة " رحمه الله " جاءت بعد اسم معرفة ، ولكنها لم تكن حالا منه ، بل هي جملة جديدة ، ومنقطعة عن الجملة السابقة ، لأنها دعاء له بالرحمة ، لذلك تسمى الجملة الأولى " مات فلان " جملة ابتدائية ، ونسمي الجملة الثانية " رحمه الله " جملة  استئنافية .

223 ـ ومنه قوله تعالى : { قالت ربي إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت }4 .

ومن الجمل الاستئنافية الجملة المؤخر عنها العامل في باب " ظن " .

نحو : محمد مقصر أظن .

فجملة " أظن " وفاعلها المقدر ، لا محل لها من الإعراب استئنافية .

والجملة المستأنفة هي الجملة الكائنة جوابا لسؤال مقدر . أو جوابا لنداء .

فمثال جواب السؤال المقدر .

224 ـ قوله تعالى : { ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا : سلاما ، قال سلام }1 .

فجملتا القول استئنافيتان ، لأنهما جواب لسؤال مقدر هو : ماذا قالوا ؟

ومنه قوله تعالى :

{ هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم مكرمون }2 .

فجملة القول الثانية جواب لسؤال مقدر هو : فماذا قال لهم ؟

وهذا النوع يعرف بالاستئناف البياني ، لأن جملة الجواب المستأنفة تكون جوابا لسؤال مقدر كما مر معنا .

أما الأنواع الأخرى من الجمل الاستئنافية فتعرف بالاستئناف النحوي ، والاستئناف البياني نوع من الاستئناف النحوي ، وليس كل استئناف نحوي يكون بيانيا .

ومثال جواب النداء قول جميل بثينة :

        أبُثينَ إنّك قد ملكتِ فأسجحي      وخذي بحظك من كريم واصل

ــــــــــــ

1 ـ 36 آل عمران . 2 ـ 69 هود .

 3 ـ 24 ، 25 الذاريات .

 

ومنه قول الأخطل :

       أعاذلَ ما عليكِ بأن تَرَيني       أُباكر قهوة فيها احمرار

وكثيرا ما تدخل على الجمل المستانفة أحرف تعرف بأحرف الاسئناف وهي :

الفاء ، والواو ، وثم ، وحتى ، وبل التي للإضراب الانتقالي ، وأو التي بمعنى بل ، وأم المنقطعة ، ولكن مجردة من الواو العاطفة

فمثال المقرونة بالفاء قوله تعالى : { بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون } 1 .

وقوله تعالى : { قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه } 2 .

وقوله تعالى : { ونصحت لكم فكيف آسي على قوم كافرين } 3 .

ومثال المقرونة بالواو قوله تعالى : { إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار } 4 .

وقوله تعالى : { كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل } 5 . وقوله تعالى : { ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين } 6 . 

ومنه قول امريء القيس وقد اجتمع فيه جملتان استئنافيتان الأولى مقرونة بالواو والثانية بالفاء :

         وقوفا بها صحبي عليَّ مطيهم       يقولون لا تهلك أسىً وتجمل

         وإنَّ شفائي عبـرة مهـراقة       فهل عند رسم دارس من معوَّل

الشاهد في البيت الثاني قوله : وإن شفائي ، وقوله : فهل عند رسم .

والمقرونة بـ " ثم " .

قوله تعالى : { فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة } 7 .  

ـــــــــــ

1 ـ 88 البقرة . 2 ـ 104 الأنعام .

3 ـ 93 الأعراف . 4 ـ 10 آل عمران .

5 ـ 108 البقرة . 6  ـ 34 الأنعام .

7 ـ 20 العنكبوت .

 

ومثال المقرونة بـ " حتى " قول الفرزدق :

      فيا عجبا حتى كليب تسبني       كأن أباها نهشل أو مجاشع  

والمقرونة بـ " بل " قوله تعالى :

{ وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا } 1 .

ومثال المقرونة بـ " أو " .

قوله تعالى : { وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون } 2 .

والجملة المستأنفة بعد " أو " : هم يزيدون على تقدير هم المحذوف .

والمقرونة بـ " أم .

" قوله تعالى : { هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور } 3 .

ومثال المقرونة بلكن قول زهير :

        إنَّ ابن ورقاء لا تخشى غوائله     لكن وقائعه في الحرب تُنتَظر

 

خامسا ـ جملة صلة الموصول الاسمي ، أو الحرفي :

هي الجملة التي تكون صلة لاسم موصول ، أو حرف مصدري .

وأسماء الموصول هي : الذي ، التي ، اللذان ، اللتان ، الذين ، الأُلَى ، اللواتي ، اللاتي ، اللائي ،

أل ، مَن ، ما ، ذا ، ماذا ، ذو ، أئٌّ ، أيّة .

نحو : جاء الذي فاز بالجائزة .

225 ـ ومنه قوله تعالى : { الذي جعل لكم الأرض مهادا }4 .

وقوله تعالى : { الذي علم بالقلم }5 .

ومنه قول الفرزدق :

      هذا الذي تعرف البطحاء وطأته     والبيت يعرفه والحل والحرم

ــــــــــــــــ

1 ـ 15 ، 16 الأعلى . 2 ـ 147 الصافات .

3 ـ 16 الرعد .4 ـ 10 الزخرف .

5 ـ 4 العلق .

 

ومنه قول مجنون ليلى :

      وأنتِ التي ما من صديق ولا عِدا      يرى نِضوَ ما أبقيت إلا بكى ليا

ومنه قوله تعالى : { ربنا أرنا اللذين أضلانا } 1 . 

ومنه قول الأخطل :

      هما اللتان لو ولدت تميم      لقيل : فخر لهم صميم

وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } 2 .

ومنه قول الحطيئة :

       وأرى الذين حووا تراث محمد      أفلت نجومهم ونجمك يسطع

ومنه قوله تعالى : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم } 3 .

وقوله تعالى : { واللائي يئسن من المحيض } 4 .

ومنه قول يزيد بن الحكم :

      يقول الخنا وأبغضُ العجم ناطقا       إلى ربنا صوت الحمار اليُجدَّع

الشاهد قوله : " اليجدع " فـ " أل " موصول اسمي بمعنى الذي .

ومنه قول الفرزدق :

      ما أنت بالحكم الترضى حكومته      ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل

الشاهد قوله : " الترضى " فـ " أل " موصول أسمي لذلك اتصل بالفعل ، أي : الذي ترضى .

ومنه قول عمرو بن كلثوم :

       فصالوا صولة فيمن يليهم       وصلنا صولة فيمن يلينا

الشاهد قوله : " فيمن " من اسم وصول للعاقل .

ومنه قول زهير:

      سعى ساعيا غَيظِ بنِ مُرَّةَ بعدما      تبزَّلَ ما بين العشيرة بالدم

ــــــــــــ

6 ـ 29 فصلت . 4 ـ 35 المائدة .

5 ـ 23 النساء . 6 ـ 4 الطلاق .

 

الشاهد قوله : " ما " اسم موصول لغير العاقل .

ومنه قول لبيد :

      لا تسالان المرء ما ذا يحاول       أنحبٌ قضى أم ضلالٌ وباطلُ

الشاهد فيه : " ذا " اسم موصول .

ومنه قول القوال الطائي :

       قولا لهذا المرء ذو جاء ساعيا       هلُمَ فإن المَشرفيَّ الفرائضُ

الشاهد قوله : " ذو " وهو اسم موصول ، والأكثر فيه ألا يؤنث ، ولا يثنى ، ولا يجمع ، ويكون مبنيا على السكون ، وقد يعرب إعراب الأسماء الخمسة كما في قول منظور بن سحيم :

       فإما كرام موسرون لقيتهم     فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا

الشاهد قوله " من ذي " فذي اسم موصول أعرب إعراب الأسماء الخمسة فجر بمن وعلامة جره الياء ، وقد حذفت منه صلة الموصول لدلالة الظرف " عند " عليها .

ومنه قول الأعشى :

      يضرب الأدنى إليهم وجهه      لا يبالي أيَّ عينيه كَفَحْ    

الشاهد قوله : " أيّ " وهي اسم موصول معرب ، وقد تؤنث ، ويجب أن تضاف إلى معرفة كما في الشاهد المذكور خلافا للكوفيين ، فإن اضيفت إلى ضمير وكانت صلتها جملة اسمية محذوفة الصدر جاز فيها الإعراب والبناء على الضم .

نحو قوله تعالى : { ثم لننزعنَّ من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عِتيّا }1 .

وللاستزادة راجع اسم الموصول في الموسوعة .

أما الموصول الحرفي : فهو عبارة عن الأحرف المصدرية التي تشكل مع ما بعدها مصدرا مؤولا له محل من الإعراب ، وما يليها يكون صلة لها لا محل له من الإعراب وهي : أنْ ، وما ، وكي ، وأنّما . نحو : سرني أن نجحت .

ــــــــــــ

1 ـ 69 مريم .

 

ومنه قول معن بن أوس :

        يحاول رَغمي لا يحاول غيره      وكالموت عندي أن يَحُلَ به الرَّغمُ

الشاهد قوله : " أن يحل " فأن حرف مصدري ونصب يحتاج إلى صلة ، والفعل " يحل " صلته ، وأن والفعل في تأويل مصدر تقديره " حلول " في محل رفع مبتدأ مؤخر ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف في محل رفع خبر مقدم .

ونحو قوله تعالى : { وضاقت عليكم الأرض بما رحبت }1 . 

ومنه قول الشاعر :

      يسر المرء ما ذهب الليالي      وكان ذهابهن له ذهابا

الشاهد في الآية قوله تعالى : " بما رحبت " فما مصدرية ، والفعل " رحب " وما في حيزه صلتها ، ويشكلان معا مصدرا مؤولا في محل جر بالباء .

والشاهد في البيت قوله : " ما ذهب " فما مصدرية ، وجملة ذهب صلتها ، والمصدر المؤول من " ما " والفعل في محل نصب مفعول به للفعل يسر .

ومنه قوله تعالى : { لكي لا يكون على المؤمنين حرج } 2 .

وقوله تعالى : { لكي لا تأسوا على ما فاتكم } 3 .

ومنه قول أبو ذؤيب الهذلي :

       تريدين كي ما تجمعيني وخالدا      وهل يجمع السيفان ويحك في غمد

ومنه قوله تعالى : { يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد }4 .

فالجمل الواقعة بعد أسماء الموصول ، أو بعد الحرف المصدري ، الذي يحتاج إلى صلة ، كلها جمل لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .  

ـــــــــــــ

1 ـ 25 التوبة . 2 ـ 37 الأحزاب .

‍3 ـ 23 الحديد . 4 ـ 6 فصلت .

 

سادسا ـ الجملة المعترضة :

         هي الجملة الواقعة بين شيئين متلازمين ، يحتاج كل منهما للآخر ، وفائدتها تقوية الكلام وتوضيحه ، أو توكيده ، أو تحسينه .

مثال تقوية الكلام وتوضيحه قول قطري بن الفجاءة :

       فإن أمت حتف أنفي لا أمت كمدا       على الطعان وقصرُ العاجز الكمدُ

       ولم أقل لم أساقِ الموتَ شاربَه        في كأسه والمنايا شرّعٌ وُرُدُ

الشاهد قوله : قصر العاجز الكمد ، حيث جاءت الجملة معترضة بين المعطوف عليه ، والمعطوف لإفادة التقوية والتوضيح .

ومثال المعترضة للتوكيد قول : عمرو بن شاس

      أرَدْتِ عرارا بالهوان ومن يرد      عرارا لعمري بالهوان فقد ظلم

الشاهد قوله : لعمري ، فقد جاءت جملة القسم معترضة بين الفعل ، والجار والمجرور المتعلق به لغرض التوكيد .

ومثال التحسين قول زهير :

     سئمت تكاليف الحياة ومن يعش      ثمانين حولا لا أبا لك يسأم

الشاهد قوله : لا أبا لك جملة معترضة بين فعل الشرط وما في حيزه ، وبين جوابه ، وليس الفرض منه التوكيد ، أو التوضيح ، وإنما جاء به الشاعر على عادة العرب في إجرائهم إياه مجرى المثل لغرض التحسين . 

وتقع الجملة المعترضة في المواضع الآتية : ـ

1 ـ بين الفعل وفاعله . نحو : وصل ـ أظن ـ أبوك .

2 ـ بين الفعل ونائب الفاعل . نحو : توفي ـ أعتقد ـ المريض .

3 ـ بين الفعل ومفعوله . نحو  صافحت ـ رعاك الله ـ رجلا شجاعا .

4 ـ بين المبتدأ وخبره . نحو : أنت ـ حماك الله ـ صديق مخلص .

5 ـ بين اسم كان وخبرها . نحو : كان عليّ ـ رحمه الله ـ أمينا في صداقته .

6 ـ بين اسم إن وخبرها . نحو : إن أخاك ـ والله ـ شهم .

7 ـ بين الشرط وجوابه . نحو : إن زرتني ـ إن شاء الله ـ تجدني في انتظارك .

226 ـ ومنه قوله تعالى :

{ وإذا بدلنا آية مكان آية ـ والله أعلم بما ينزل ـ قالوا إنما أنت مفتر }1 .

8 ـ بين المضاف والمضاف إليه . نحو : استعرت كتاب ـ والله ـ محمد .

9 ـ بين القسم وجوابه .

والله ـ والحق يقال ـ لأكافئنَّ الفائزين .

227 ـ وقوله تعالى : { فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك }2 .

10 ـ بين الموصول والصلة ، نحو : جاء الذي ـ أشهد ـ قد فاز بالسباق .

11 ـ بين الموصوف والصفة . نحو : أعطف على رجل ـ والله ـ فقير .

12 ـ بين أجزاء الصلة . نحو : حضر الذي خيره ـ لا شك ـ يعم الجميع .

13 ـ بين الجار والمجرور . نحو : ذهبت إلى ـ والله ـ عملي مبكرا .

14 ـ بين قد والفعل . نحو : قد ـ والله ـ نجح محمد .

100 ـ ومنه قول الشاعر :

       أخالد قد ـ والله ـ أوطأت عشوة     وما قائل المعروف فينا يعنفا

15 ـ بين سوف والفعل . نحو : سوف ـ والله ـ ينجح المجد .

101 ـ ومنه قول الشاعر :

      ما أدري وسوف ـ أخال ـ أدري      أقوم آل حصن أم نساء

16 ـ بين حرف النفي ومنفيه : نحو : لا ــ والله ــ أقصر في عملي .

102 ـ ومنه قول الشاعر :

       ولا ـ أراها ـ تزال طاغية     تحدث لي نكبة وتنكؤها

ونحو : ما ـ أظنه ـ يفلح الكسول .

وقد يأتي أكثر من جملة معترضة في الموضع الواحد .

نحو : محمد ـ والله ، والحق أقول ـ لن يقصر في خدمة الوطن .

في جميع الأمثلة السابقة ، نجد  صورا مختلفة لجمل معترضة في مواطن شتى بين جزأين

ـــــــــــــ

1  ـ 10 النحل . 2 ـ 85 ص .

 

متلازمين من الكلام ، وفي بعض المواطن بين الفعل وما قد يسبقه من  بعض الحروف ، وهذه الجمل لا محل لها من الإعراب .

     وقد يسبق الجملة المعترض بعض الأحرف التي تسمى بأحرف الاعتراض وهي في الأصل أحرف استئناف ، أو عطف ، وهذه الأحرف هي :

1 ـ " الفاء " كما في قول علقمة الفحل :

         وأنت امرؤٌ أفضتْ إليك أمانتي       وقبلك ربَّتني فضِعت رُبُوبُ

ومنه قوله تعالى : { ومن دونهما جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان مدهامتان }1 .

2 ـ " الواو " .

كقوله تعالى : { فلما وضعتها قالت : ربِّ إني وضعتها أنتى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى } 2 .

ومنه قول متمم بن نويرة :

      لعمري وما دهري بتأبين هالك     ولا جزعٍ مما أصاب فأوجعا

      لقد كفّن المِنهال تحت ردائه       فتى غير مبطان العشيات أروعا

الشاهد قوله : وما دهري … إلخ جملة معترضة مقرونة بواو الاعتراض .

3 ـ " إذ " التعليلية .

كقوله تعالى : { ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون }3 .

ومنه قول مجنون ليلي :

       فيا ربِّ إذ صيرت ليلى هي المنى      فزِنِّي بعينيها كما زنتها ليا

الشاهد قوله : إذ صيرت . جملة اعتراضية مقرونة بـ " إذ " .

4 ـ " حتى " الابتدائية .

كقوله تعالى { وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار }4 .

ـــــــــــ

1 ـ 62 ـ 64 الرحمن . 2 ـ 36 آل عمران .

3 ـ 39 الزخرف . 4 ـ 18 النساء .

 

ومنه قول الشاعر :

        عممتم بالندى حتى غُواتُهُمُ         فكنت مالك ذي غَيٍّ وذي رشدِ

5 ـ اللام الموطئة لجواب القسم : وهي اللام الداخلة على أداة الشرط ، للإذان بأن الجواب بعدها مبني على قسم قبلها ظاهر ، أو مقدر لا على الشرط ، وقد عد النحاة اللام الموطئة للقسم من الأحرف الاعتراضية لأنها تتصدر الجملة الشرطية فتجعلها اعتراضية .

مثال القسم الظاهر قول الشاعر :

      لعمري لئن كنتم على النأي والغنى       بكم مثل ما بي إنكم لصديق

فالقسم الظاهر قوله : لعمري ، والجملة الشرطية معترضة بين القسم وجوابه : إنكم لصديق .

ومثال القسم المقدر قمل الشاعر :

      لمتى صلحت ليُقضينْ لك صالح     ولتُجزَيَنَّ إذا جُزيتَ جميلا

فالقسم في هذا الشاهد مقدر قبل اللام الموطئة ، والجملة معترضة بين القسم المقدر وجوابه .

 

الفرق بين الجملة المعترضة ، وبين جملة الحال :

نتيجة للالتباس الذي كثيرا ما يقع بين الجملة الاعتراضية ، والجملة الحالية ، حاول النحاة وضع بعض الفوارق التي تميز بين الجملين حتى لا يختلط الأمر على الدارس ، وهذه الفوارق هي :

1 ـ الإنابة عن المفرد :

       الجملة الحالية كما مر معنا جملة لها محل من الإعراب ، لذلك فهي تحل محل الاسم المفرد ، وتنوب عنه في إعرابه .

أما الجملة الاعتراضية فهي من الجمل التي لا محل لها من الإعراب ، ولا تحل محل المفرد .  

2 ـ الإنشاء :

      قد تأتي الجملة الاعتراضية إنشائية ، في حين لا تكون الجملة الحالية كذلك .

والشاهد على ذلك قول جميل :

      يقولون جاهد يا جميل بغزوة      وأيَّ جهاد غيرَهنَّ اريد

الشاهد قوله : يا جميل ، وهي جملة نداء إنشائية قد اعترضت بين الفعل " جاهد " وبين الجار والمجرور المتعلق بالفعل وهو " بغزوة "

وكذلك قول ابن هرمة :

      إن سليمى والله يكلؤها       ظنت بشيء ما كان يرزؤها

فالشاهد قوله : والله يكلؤها ، وهي جملة دعاء إنشائية ، وقعت معترضة بين اسم إن وخبرها .

3 ـ الاستقبال :

      قد تبدأ الجملة المعترضة بحرف من أحرف الاستقبال كلن وسوف ، والسين .

نحو قوله تعالى : { فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة }1 .

ونحو قول زهير :

      وما أدري وسوف إخالُ أدري        أقومٌ آلُ حصنٍ أم نساءُ ؟

ويمتنع ذلك في الجملة الحالية ، لأنه يراد بها الحاضر لا الاستقبال .

 

سابعا ـ الجملة الواقعة جوابا لشرط غير جازم :

أدوات الشرط غير الجازمة : إذا ، لو ، لولا ، لوما ، لمّا الظرفية المتضمنة معنى الشرط ، كيف . 

كقول المتنبي :

       إذا أنت أكرمت الكريم ملكته      وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

ـــــــــــــــــ

1 ـ 241 البقرة .

103 ـ ومنه قول امرئ القيس :

      إذا قلت هاتي ناوليني تمايلت    على هضيم الكشح ريا المخلخل

ومنه قول جرير :

      لولا الحياء لهاجني استعبار     ولزرت قبرك والحبيب يزار

ومنه قوله تعالى : { ولو نزلنا هذا القرآن ، على جبل لرأيته خاشعا }1 .     

228 ـ وقوله تعالى : { ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة }2 .

ونحو قوله تعالى : { لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم }3 .

ونحو : لوما تأخرت لخرجنا في رحلة .

ونحو قوله تعالى : { فلما أتاهم من فضله بخلوا به }4 .

ونحو : كيف تقفُ أقفُ .

       في الأمثلة السابقة نجد أن أجوبة الشرط وهي على الترتيب : ملكته ، وتمايلت ، لهاجني استعبار ، ولرأيته ، ولجعل ، ولمسكم ، ولخرجنا ، وبخلوا ، وأقف . كلها أجوبة شرط لأدوات غير جازمة ، وهي : إذا ، ولو ، ولولا ، ولوما ، ولمَّا ، وكيف ، وهذه الأجوبة لا محل لها من الإعراب .

ومن أمثلة أجوبة الشرط الجازمة غير المقترنة بالفاء ، أو إذا : أن تدرس تنجح .

 

ثامنا ـ الجملة الواقعة جوابا لشرط جازم غير مقتر بالفاء ، أو إذا الفجائية .

      وأدوات الشرط الجازمة هي : إن ، إذما ، من ، ما ، مهما ، كيفما ، حيثما ، أينما ، متى ، أيّان ، أنّى ، أىّ .

نحو قوله تعالى : { وإن تعودوا نعد }5 .

وقوله تعالى : { إن تنصروا الله ينصركم }6 .

ــــــــــــــــــ

1 ـ 31 الحشر . 2 ـ 118 يوسف .

3 ـ 68 الأنفال . 4 ـ 76 التوبة .

5 ـ 17 الأنفال . 6 ـ  7 محمد .

 

ومنه قول المتنبي :

   " وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا "

 الشاهد : " تمردا " جواب شرط لئن الشرطية الجازمة ، غير مقترن بالفاء ، أو إذا الفجائية لذلك لا محل له من الإعراب .

وقول الشاعر :

       وإنّك إذما تأتِ ما أنت آمر       به تُلْفِ مَن إيّاه تأمر آتيا

104 ـ ومنه قول زهير :

      ومن يصنع المعروف في غير أهله      يكن حمده ذما عليه ويندم

الشاهد : يكن حمده ... إلخ ، جواب شرط لـ " من " الشرطية الجازمة ، غير مقتر بالفاء ، أو إذا الفجائية ، لذلك لا محل له من الإعراب .

ومنه قول الحطيئة :

      ومن يفعل المعروف لا يعدم جوازيه     لا يذهب العرف بين الله والناس

فجملة : لا يعدم جوازيه . جواب شرط لـ " من " الشرطية الجازمة ، غير مقترن  بالفاء ، أو إذا الفجائية ، لا محل  له من الإعراب .

وقول جميل :

          وما أنس ما الأشياء لا أنس قولها    وقد قرَّبتْ نِضوِي أمصرَ تُريدُ

ومنه قول زهير :

         ومهما تكن عند امريء من خليقة       وإن خالها تخفى على الناس نعلم

وقول الأخر :

         يا صاحبيّ فدت نفسي نفوسَكما         وحيثما كنتما لاقيتما رشدا

وقوله تعالى : { أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا }1 .

ومنه قول عمر بن كلثوم :

         متى ننقل إلى قوم رحانا        يكونوا في اللقاء لها طحينا

ـــــــــــــ

1 ـ 148 البقرة .

 

ونحو : أيّان تحضر نكن في استقبالك .

وقول لبيد :

        فأصبحت أنّى تأتها تشتجر بها      كلا مركبيها تحت رجليك شاجر

ونحو : أيّ ادّخار في صغرك ينفعك في كبرك .

     وعدم اقتران جواب الشرط مع الأدوات غير الجازمة ، يكون لظهور الجزم في لفظ الفعل .

    وعدم اقترانه مع الأدوات الجازمة ، فلأن المحكوم لموضعه بالجزم هو " الفعل " لا الجملة بأسرها . (1)

      ومما يقال في جملة جواب الشرط الجازم غير المقترن بالفاء ، أو إذا الفجائية ، يقال في جملة جواب الطلب ، فهي في الحقيقة جواب شرط جازم ، حذف مع فعله ، لدلالة الكلام عليه .

كما في قول جميل :

       وإن قلت ردي بعض عقلي أعش به      مع الناس قالت : ذاك منك بعيد

فقد جزم الفعل " أعش " على تقدير : إن ترديه أعش به ، وجملته جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء ، أو إذا ، لذلك لا محل لها من الإعراب .

ومنه قول عنترة :

      هلاّ سألت الخيل يا بنة مالك      إن كنت جاهلة بما لا تعلم

      يخبرك من شهد الوقيعة أنني      أغشى الوغى وأعِفُّ عند المغنم

فالتقدير فيه : إن تسأليها يخبرك من شهد .

 

أنواع أدوات الشرط من حيث الزمن :

      يتفق النحاة على أن أدوات الشرط تنقسم إلى نوعين :

1 ـ أدوات شرط ظرفية :

وهي : إذا ، ولمّا ، ومتى ، وأيّان ، وأنّى ، وحيثما ، 

وأينما ، وتعرب الأداة في محل نصب على الظرفية ، والعامل فيها جوابها ، وتكون

ــــــــــــــ

1 ـ الأشباه والنظائر للسيوطي ج2 ص 23 .

 

جملة فعل الشرط في محل جر بالإضافة ،

2 ـ أدوات شرط غير ظرفية :

     وهي بقية أدوات الرط الجازمة وغير الجازمة مثل : إن ، وإذما ، ومن ، وما ، ومهما ، وكيفما ، ولو ، ولولا ، ولوما .

فالجمل الشرطية المصدرة بأداة مما سبق يكون موقعها الإعرابي مع الأداة حسب موقعها من الكلام ، وموقع جملة فعل الشرط لا محل له من الإعراب كما سنرى من خلال الشواهد التالية :

قال كثير :

       كأني أنادي صخرة حين أعرضتْ       من الصم لو تمشي بها العصم زلَّتِ

فقوله : لو تمشي بها العصم في محل نصب صفة لـ " صخرة " ، أما جملة الشرط فقط وهي : تمشي بها العصم لا محل لها من الإعراب .

وقال قيس بن الخطيم :

       طعنتُ ابن عبد القيس طعنة ثائر      لها نفذ لولا الشعاع أضاءها

فجملة لولا الشاع في محل رفع صفة لـ " نفذ " ، وجملة الشعاع كائن لا محل لها من الإعراب .

ومثله قول الشاعر :

       وإنك إذ ما تأتِ ما أنت آمر       به تُلْفِ من إيّاه تأمرُ آتيا

فجملة ما تأت في محل رفع خبر إنّ ، وجملة تأت لا محل لها من الإعراب .

ومنه قول أبي زبيد :

       فالدار إن تنئهم عني فإنّ لهم      ودّي ونصري إذا أعداؤهم نصعوا

فجملة : إن تنئهم عني في محل رفع خبر المبتدأ " الدار " ، وجملة تنئهم عني لا محل لها من الإعراب .

ومنه قول امريء القيس :

        أغرّك مني أن حُبّكِ قاتلي      وأنّك مهما تأمري القلب يفعلِ ؟

فجملة مهما تأمر القلب في محل رفع خبر " أنّ " ، وجملة تأمري القلب لا محل لها من الإعراب .

     ولا يصح أن نعرب الجمل السابقة بأنها جمل ابتدائية ، لأنه لم يبتدأ بها الكلام لا لفظا ولا نية .

وإذا اعتبرنا الجملة التي نتحدث عنها جزءا من التركيب الشرطي ، والإعراب إنما يقدر للتركيب

كله ، أما الجزء المتمم وهو جواب الشرط فلا محل له من الإعراب لأن الشرط نزَّل جملتيه منزلة الجملة الواحدة ، فالمحل الإعرابي لذلك المجموع ، وكل منهما جزء لا محل له كما يذكر صاحب المغني (1) .

     فالجواب على ذلك أن هذا يقتضي منك أن تجعل جواب الشرط الجازم لا محل له من الإعراب دائما ، وإن كان مقترنا بالفاء ، وذلك مخالف للقاعدة التي تقول تكون جملة جواب الشرط لا محل لها من الإعراب إذا لم تقترن بالفاء ، أو إذا الفجائية ، فإذا اقترنت بهما كان لها محل إعرابي .

وإذا قلنا أنها جملة ابتداء الشرط ، والجملة الابتدائية لا محل لها من الإعراب ، لزمن أن نجعل جملة جواب الشرط الظرفي كذلك ، لأنه في الابتداء حكما ، وإن تأخر في اللفظ كما في قول طرفة بن العبد :

        متى تأتني أصبحك كأسا روية      وإن كنت عنها ذا غنى فاغن وازدد

فالتقدير : أصبحك كاسا روية حين تأتيني ، لأنك ستعلق متى بالجواب ، وهذا اللزوم منقوض بالجواب المقترن بالفاء نحو قولنا : متى يسافر محمد فكن في وداعه .

وإذا اعبرنا الجملة المعنية بالحديث استئنافية ، كان الاعتراض لمخالفتها لشرطي الجملة المستأنفة ، الأول : لأنه لم يستأنف بها كلام جديد . والثاني : أن الكلام الذي لفظ به قبلها لمّا يتم ، حتى يجوز الاستئناف بعده .

أما في قوله تعالى : { وأيّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى } 2 . 

ـــــــــــــ

1 ـ المغني ص 475 نقلا عن إعراب الجمل وأشباه الجمل للدكتور فخر الدين قباوة ص 45 ، لأنني لم أجد الكلام الذي ذكره قباوة نقلا عن المغني في الصفحة المذكور ، أو في غيرها ، ولعلني لم استدل عليه .

1 ـ 110 الإسراء .

 

فأيّأ ما تدعوا جملة شرطية استئنافية ، وجملة تدعوا لا محل لها من الإعراب ، لأنها جملة الشرط غير الظرفي .

فـ " أيّ " الشرطية : أداة شرط غير ظرفية ، وإن أضيفت إلى ظرف سواء زماني أو مكاني ، وأعربت إعرابه نحو : أي ساعة تحضر أكن في انتظارك .

والعلة في ذلك أنّ " أيّ " في الأصل مغرقة في الإبهام تدل على العموم ، دون أن تحمل معنى مما تضاف إليه من الظرف ، وإنما تكتسب بالإضافة ، أو الوصف شيئا من التحديد ، وهي أيضا لا تضاف إلى الجمل ، ولو كانت ظرفية كغيرها من أدوات الشرط الظرفي لأظيفت إلى الجمل ، ولكن ذلك ممتنع .

 

تاسعا ـ الجملة المفسرة :

      هي جملة فضلة زائدة تفسر ما يسبقها ، وتكشف عن حقيقته .

نحو : هو مؤدب أي أخلاقه نبيلة .

ومنه قول الشاعر :

      ترمينني بالطرف أي أنت مذنب     وتقلينني لكنَّ إياك لا أقلي

فجملة : أخلاقه نبيلة ، المكونة من المبتدأ والخبر ، لا محل لها من الإعراب مفسرة لما قبلها ، بعد حرف التفسير " أي " ، وهو حرف مبني على السكون ، لا محل له من الإعراب .

كما تأتي الجملة التفسيرية بعد حرف التفسير " أنْ " .

229 ـ نحو قوله تعالى : { فأوحينا إليه أن اصنع الفلك }1 .

وتأتي الجملة التفسيرية أحيانا مجردة من حرف التفسير ، ولكنها تفسر المقصود من السؤال .

نحو قوله تعالى : { هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله }2 .

فجملة : تؤمنون بالله ورسوله . جملة مفسرة للسؤال قبلها ، لا محل لها من الإعراب .

ـــــــــــ

1 ـ  27 المؤمنون . 2 ـ 10 الصف .

وقد تأتي جملة الاستفهام نفسها مفسرة لما قبلها .

230 ـ نحو قوله تعالى : { وأسروا النجوى الذين : هل هذا إلا بشر }1 .

فجملة : هل هذا إلا بشر . جملة مفسره  " للنجوى " . لا محل لها من الإعراب .

 

عاشرا ـ الجملة الواقعة جوابا للقسم :

نحو : والله لأقولنَّ الحق .

231 ـ ومنه قوله تعالى : { وتالله لأكيدن أصنامكم }2 .

وقوله تعالى : { يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين }3 .

فكل جملة من الجمل التالية وهي " لأقولن الحق " ، و" لأكيدن أصنامكم " ، و" إنك لمن المرسلين " لا محل لها من الإعراب لمجيئها جوابا للقسم .  

حادي عشر : الجملة المؤكدة لجملة لا محل لها من الإعراب .

نحو : سافر محمد سافر محمد .

ومنه قوله تعالى : { فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا } 4 . 

ثاني عشر : جملة الشرط إذا حذف جوابها ، وتقدمها ما يدل عليه .

نحو : أنت بطل إن صرعت فلان .

والتقدير : إن صرعت فلان فأنت بطل .

أو تقدمها ما يطلب ما يدل على جوابها وهو " القسم " .

نحو : والله إن حضرت حفلنا ليحضرن كل المدعوين .

فالقسم يطلب ليحضرن ، والفعل " يحضرن " دليل على جواب الشرط .

والتقدير : إن حضرت حفلنا يحضر كل المدعوين .

ــــــــــــــ

 1 ـ 3 الأنبياء . 2 ـ 57 الأنبياء .

3 ـ 1 ، 2 ، 3 ، يس . 4 ـ 6 الشرح .

 

حادي عشر ـ الجملة التابعة لجملة لا محل لها من الإعراب :

نحو : جاء التلاميذ ولم يجئ المعلم .

فجملة : لم يجئ المعلم . معطوفة على جملة : جاء التلاميذ . وهي جملة لا محل لها من الإعراب ابتدائية ، وعيه فجملة " لم يجئ المعلم " لا محل لها من الإعراب .

105 ـ ومنه قول لبيد :

       وهم السعاة إذا العشيرة أفظِعت       وهُمُ فوارسها وهم حكامها

الشاهد : " وهم فوارسها " جملة مكونة من المبتدأ والخبر ، ولا محل لها من الإعراب ، لأنها معطوفة على جملة : " هم السعاة " الابتدائية .